ترجمة عبرية - شبكة قُدس: قال خبير الشؤون العربية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، آفي يسخاروف، إن العملية الأخيرة عند مفترق مستوطنة غوش عتصيون جنوب الضفة الغربية المحتلة، والتي أسفرت عن مقتل مستوطن من كريات أربع وإصابة ثلاثة آخرين، تعيد التذكير بأن الضفة الغربية تقف على حافة انفجار واسع، وأن كل المؤشرات باتت تشير إلى أن "العاصفة الكاملة" تقترب. فإسرائيل، كما يقول، تواصل سياسة تجاهل السلطة الفلسطينية وتفكيك ما تبقى من قدرتها، بينما تسمح بصمت بالغ بتصاعد إرهاب المستوطنين في الضفة، لتصبح المنطقة أشبه ببرميل بارود تنتشر أبخرته في الهواء.
ويشير إلى أن جيش الاحتلال وجهاز "الشاباك" كشفا قبل أسابيع قليلة عن عملية إحباط تهريب كبرى ضمت صواريخ مضادة للدبابات، وقاذفات RPG، وطائرات مسيّرة، وعبوات ناسفة متطورة. وبرغم نجاح معظم عمليات الإحباط، إلا أن جزءا من هذه الأسلحة يصل فعلياً إلى الضفة، ويمثل مستوى جديدا من التسليح لم يكن موجودا في الانتفاضتين الأولى والثانية.
لكن السلاح وحده لا يصنع الانفجار، إذ تترافق هذه التطورات مع انهيار متسارع في مكانة السلطة الفلسطينية وقدرتها على التأثير. رئيس السلطة محمود عباس، الذي بلغ التسعين أخيراً، يواجه تراجعاً حاداً في شرعيته، فيما يغرق خليفته المفترض حسين الشيخ في أزمة شعبية حادة وتهم فساد واسعة، ما يجعله عاجزاً عن لعب أي دور يضمن الاستقرار. وبرأي يسخاروف، فإن التحذيرات القديمة التي أطلقها قادة في السلطة بأن "الإسرائيليين سيشتاقون لعباس" لم تكن مجرد مبالغة، إذ بقيت السلطة في عهده جزءاً من المواجهة ضد حماس والجهاد الإسلامي. غياب هذا الدور سيترك فراغاً خطيراً، يقول يسخاروف، في لحظة تتصاعد فيها الدوافع نحو تنفيذ العمليات أصلاً.
وتتعقد الصورة أكثر مع تصاعد إرهاب المستوطنين، الذي يصفه يسخاروف بأنه "إرهاب برعاية دولة"، بفعل تواطؤ شرطة بن غفير، وعجز الشاباك، واستقالة الجيش الضمنية من الميدان. ففي كل يوم تُسجّل اعتداءات منظمة على الفلسطينيين وممتلكاتهم، تتراوح بين إحراق المنازل والمركبات، والاعتداء على المدنيين. ويرى أن هذا العنف لا يدفع فقط نحو مزيد من الدوافع للانتقام، بل قد يحوّل أي اعتداء لمجموعة مستوطنين إلى كمين مسلح داخل قرية فلسطينية، يفتح الطريق أمام تصعيد سريع وخارج السيطرة.
وبرغم خطاب اليمين المتطرف عن "تفكيك السلطة"، تُدرك حكومة نتنياهو ـ كما يقول يسخاروف ـ أن انهيار الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة سيقود إلى انفجار أعنف وأسرع. "إسرائيل" تريد بقاء السلطة، لكنها لا تريد تقويتها، لأنها تخشى أن يؤدي ذلك إلى تعزيز مطلب الدولة الفلسطينية. وهذه هي العقلية ذاتها التي غذت النظرية التي سبقت هجوم 7 أكتوبر.
في المحصلة، يرى يسخاروف أن الضفة الغربية تتحرك نحو مواجهة مفتوحة، تُسهم فيها ثلاثة عوامل متزامنة: ضخ السلاح من خلال الإيرانيين إلى فصائل المقاومة، انهيار السلطة، وتوحش إرهاب المستوطنين. هذه العوامل، برأيه، كافية لخلق "العاصفة المثالية"، وأن حكومة الاحتلال الحالية لا تكتفي بتجاهلها، بل تدفع ـ بوعي أو تجاهل ـ نحو اللحظة التي قد تتحول فيها الشرارة التالية إلى انفجار شامل، أقرب مما تتوقعه "إسرائيل" نفسها.



